وفاء جميل
باب النجار مخلع ..!!
يقال لمن يملك الشئ و لا ينتفع منه ، مثلاً كل صاحب شغل معين لا يُرى على نفسه ، فمثلاً الترزي نجده مقطع الملابس ، أو النجار نجد باب بيته مخلوع ، أو الدكتور نجده مريض و لا يستطيع أن يعالج مرضه و هكذا تمضي مصائب الدنيا ما بين نافع ينفع نفسه و غيره و ما بين نافع و لا يستطيع نفع نفسه و أحياناً غيره ..!!
ما أقصده في حديثي هو أن الذي يعمل على البحث عما ينفع الآخرين عليه أن ينتفع هو بالأول من صنعته ثم يبادر في نفع الناس إن هم طلبوا منه ذلك ، و هنا إشارة واضحة للتدخلات الخارجية التي يعاني منها السودان ، و المعاناة الثانية أو المُر الآخر هو إنحدار المسؤولين الذين يجلسون على قمة السُلطة وراء هذه الدول يرجون منها نفعاً و لكن يااا حسرتاااه ..!!
سيظل باب النجار مخلع إلى أن تعي الحكومة الإنتقالية و تستفيق من غفلتها و تستبين لها منهجاً تسير عليه و تُسيّر به البلد لطريق الإصلاح السياسي أولاً ثم الإقتصادي و تبعاته ، لأن ما نراه الآن من تضارب أقوال و خلافات و إختلافات و إختراق للوثيقة هو خير دليل لعدم التناغم و الإنسجام ما بين العسكر و المدنيين و الطرف الآخر بما يسمى الحاضنة السياسية ..
لنعود لباب النجار المخلع و مآلاته و أوجاعه ، و عندما نتحدث عن دولة أشار إليها القرآن الكريم بمواقف و حذر منها و من التعامل معها بشتى مناحي الحياة في مواقف متعددة منها أنها :
- شديدة العداوة للمؤمنين و بغضهم
- قَسوَة القلب
- قتْل الأنبياء و الرسل
- تحريف التوراة و تزييف كلام الله و الإفتراء عليه
- إتخاذ الآلهة و الوقوع في الشرك
- نشْر الفِتنة و الفَساد
- الغيرة و الحسد و عدم حبِّ الخَير للمؤمنين
- الإستِهزاء بالدِّين و شَعائره
- نقْض المواثيق و العهود
- أكْل الرِّبا و المال الحرام
- وحدتهم ظاهِرية و حقيقتُهم إختلاف
- الجبن و حبُّ الدُّنيا
- الذِلة و المسكنة
كل هذه الصفات أليست بقاصمة لظهر البعير و بمنهى عن أي إجراء لمحاولة جعل العلائق طبيعية معها ..!؟ أم أن الإنفراد بالحكم (ركوب رأس) ..؟!
كل التحركات الماكوكية السرية التي يتبناها مجلسيّ السيادة و الوزراء تدور حول أنه هنالك إدهاشات ستأتي تباعاً ، و ثمة ألاعيب تدور في الخفاء و خلف الستار و تحت الطاولات تحاك ضد هذا الشعب ، بإسم (الحرية و العدالة و السلام) ، و لكن هذه الكواليس ستُفصح نفسها أو بالمعنى الأصح ستفضح حالها ، و سترى النور قريباً ، و الذي حدث أول أمس في اللقاء الشؤوم ما هو إلاّ إنتكاسة و تفكيك مؤسسات قامت على اللاءات الثلاث التي كانت فخر و تاج على رأس كل سوداني و عربي و مسلم ، و ليس هذا فحسب بل أن القوانيين التي أجيزت مِن قِبل وزارة العدل ، أو أنها قيد التشاور لإجازتها أجهضت كل المبادئ التي تؤسس لإصلاح الإنسان المسلم و يااا حسرتااااه أخرى ..
إذن الكل يتلاعب بإسم الدين و لكن بطريقته الخاصة كما تلاعب بالأمس النظام السابق سِراً ..
و ليس كما يعتقد الكثير أن المشكل الأساسي الذي يعاني منه المكون المدني هو عدم أخذ الإذن منهم عند المغادرة (لعنتبي) لأن القضية الأساسية هي التطبيع مع إسرائيل و هم موافقون بذلك و يبصمون بالعشرة ، لأن ما جاء في بيان القائد العام يؤكد ذلك ، و أيضاً حديث الناطق الرسمي بإسم مجلس الوزراء الذين يكتفي بأنهم لا يعلمون بالمقابلة و أنها شارخة للإتفاق المبرم ، و هذا مؤشر براقّ على أنه لديهم عِلم مسبق بالزيارة و الإتفاق على التطبيع مع سيئة الذِكر ، و لسان حالهم يقول : يا شعب يا مسكين (أُكل نارك) ..!!
و لكن إذا رأئنا تداعيات هذا اللقاء من زاوية أخرى سنجد أن معظم الدول الغربية لا تدعم الديموقراطية ، و تعمل على نسفها و إعدام وجودها في الدول العربية ، و من ناحية تدعم الأنظمة الديكتاتورية ، و هذا مؤشر سلبي سوف يفرزه التطبيع مع هؤلاء المشؤومين و ستكون هنالك أبعاد سلبية على السودان إن تراجع عن ما تم في اللقاء من إتفاق ، و هو فخّ وقع فيه السودان ، لذلك سيظل باب النجار مخلع إلى أن يصحو من غفلته و مِن سبات نومه لعلّه ينفع نفسه و ينتفع منه الآخرين ، و (البجرب المجرب عقله مخرب)..
للحديث بقية