إحسان
تتهابط ذكريات من عليائها وتتراقص حزنا علي الحال وتتصاعد تداعيات اللحظة وتتمايس فرحا من بين صفوف الإلفة وبني قِنتي،تلك البلدة في الجنب الشمال، وتتنادي الكلمات إحساناً ومتعالا نخلا ودعوات للمحبين للتجالس متجاورين و بتطريب وتبديع هيثم قنتي متحابين، عقود تتالت لم ادخل فيها فناء دار مسرحنا القومي بامدرمان وقبلها كنت زوّارا للتمتع بفيالق درامانا وبأعلام غنائنا،تفتحت آذان و وجيد وشجن جيلنا علي سماع الست متاثرا بجيل سبقه تشده من فرط عجب وإعجاب السيدة أم كلثوم،هذا دون تفريط في التلذذ والتمثل بقيم محمولة في حقيبة فننا، تمادد السلالم وتواصل الحناجر بلا تمييزية وتحادد،فالأذواق كما الارواح السمحة محلقة، ولولا زورة الست وغنائها على خشبة مسرحنا القومى، لاستمر اعتقادى باسطوريتها وصوتها الندى وفنها الأصيل الذي لم يخصم من سودانية طرب جيلي وقد اضاف ابعادا وزوايا مختلفة ومرايا لفنون الإستماع وجنونه، لم أدرك هذه الزورة بيد أن توثيق البروف شمو علامتنا الفارقة إعلاميا والحواريين العبقريين من حوله، ينقلنا من مجاهل الصغر والاجنة في بطون الامهات لعالم حفل الست أم كلثوم تفصيلة تفصيلة، بداياتنا المسرحية الواعدة بغير هذه الزيارة من انشطة متعددة لم نحسن استغلالها حتى تحول مسرحنا وهو حي قائم لمتحف ذكريات ذهنية وصور وجدانية بصرية للحظات من معايشة ومعاصرة ومن توثيق فريد عصره، شمو ، مسرحنا من ضحايا عبثنا السياسي وتقلبات المتسلطين علي الحقوق والحريات العامة والفنون علي راسها والمسرح ابوها، ليلة جمعتنا الفائتة دعتني لحفل طمبور بمسرحنا التاريخي، إحسان عبدالمتعال وما ادراك ماهى؟ طاؤوس بالإبداع قدّال في رياض حدائق آل شايق بئز زمزم فياض بالشعراء والأدباء والمؤدين من وادي عبقر بغير زي جن، يرسمون حياة مثالية بدستورية شائقة، إحسان عاشقة لم تشغلها الهجرة لأمريكا من سودانيتها وشمباتيتها ولا أمدرمانيتها وهي بنت إذاعتنا الأم وحوشها الألمّ ،تبدي اهتماما بفن الطمبور من مهجرها ومن كل فج من صغرها، نغمة رنين هواتفها طمبور ، تقطع المسافات حبوا وبالعربات برا وبالطائرات جوا وبالمراكب نيلا لتتلقف إبداع ولد طمبور أصيل مُشنِف الآذان مُرخِم الصوت بسلطانيات من عبق النعام آدم القوقاي وصديق احمد الصداح ومحمد كرم الله الناي وبقائمة تطول الإبحار فيها يُغرق والشرب بإكثار من معينها يُثمل،إحسان تطوافها من الإبداع في رياض الطمبور بفهم مستمد من أساطينه وتواصل مع شعرائه وفنانيه ونقاده بمحبة متبادلة،التعايش في دار شايق تسامح لاتتعرف فيه علي ملة هذا من ذاك،والطمبور ولو ارتبط بآل شايق، فهو حالة عشق سوداني وشلوخ مطارق، تعبير عن دولة الإنسان ومؤسساتتها واجهزتها الحب والشجاعه والشهامة والمروءة والكرم والأسرة والإخوة والبنوة والجيرة حتي السابعة بعد الحدود، ليس من ريح مشتمة لجهوية ومناطقية وقبلية في فن وادب الطمبور ولو يحمل الآن جيل مختلف أسماء بلداتهم إعزازا ودعوات مفتوحة للتواصل بلا حدود ولا سقوف،لا اعرف قبيلة لاحسان عبدالمتعال المفتونة بالطمبور المنطوي علي روح سودانية جاذبة، من لايطرب لهذا الفن فليراجع استشارى الوجد والحب والزهد في غير الوله والعشق ، قدّاح شعره وملحنيه ومؤدييه ونقاده، الطمبور ادب التناول بانسانية طاغية وغامرة لمختلف القصايا ببلاغية سهلة ممتنعة وباسلوبية تروق الكل،و حكاية ادب الترابط المتجلي بين مبدعيه ومعجبيه ومطربيه وحالات التماهي والتماثل المسرحي بين المفن المطمبر والشيّالين والمسترقصين لمفردات و احاسيس ومشاعر النص والمستمعين ،لوحة مدهشة، قبل اشهر معدودات وقفت عليها بانشداه فى عرس بنت الكبير محمد ودبادى طبيب الجسد والروح ومهندس كلام الطمبور الإنكتب ولم ينكتب، حالة حب جارفة تعبر عن صدقية ادب الطمبور واثره البالغ في النفوس تهذيبا، كل السودان في عرس نجلة ود بادي طمبور.
عواطف
هيثم قنتى،فنان طمبور، إضافة للساحة تتباري في تقديمه الملهمة إحسان عبدالمتعال مع دهاقنة وسط مرحاب بكل من لبابه طارق، إحسان تشرفنى بالتخيّر للمشاركة في ليلة هيثم قنتي بالمسرح القومي بأمدرمان وتفوضني لاصطحاب من اتخير فدعوت عبدالعظيم صالح ملبي الدعوة فورا معجبا ولهاً بصديق احمد وناقدا متبحرا في فن الطمبور متهما عددية بالانحباس داخل بحر وداحمد متنمطين، المرور عبر بوابة ود احمد جواز لابد منه، لما تبوأنا مقعدينا في المسرح القومى تلفعتنا تاريخية المكان، هيثم قنتي في فاصلة محييا سيرة صديق احمد من ابتدأ مسيرته الوليدة بالإستفنان من طرح نخيله ورطب طمبوره، يلتفت قبالتي عبدالعظيم وتراجعت عن تذكيره بأن وردينا المتفق عليه ابتدأ بالتقليد لذرينا إبراهيم عوض،هيثم قنتى يسير علي الدرب إضافة وليس خصما ولا علي حساب من سبقوه من شباب يقدم اي منهم تجربة بلونية وبصمة متفردة، لم يفارق احدهم السائر من اشعار والحان اغانٍ مفعمة بالجمال ووسائل لغاياتٍ ومعانٍ كبيرة،وبإمكان هيثم قنتي وبما يلقاه من دعم بائن في ليلته علي المسرح التاريخي أن يتخطي بمقدار حدود ابداع مدارس الطمبور الموجودة بالنظر اماما دون تخط لرصيد معتبر لمن سبقوه بشخصيات ادائية وموضوعية مميزة ،فلتنظر هيثم قنتي للبداية من خشبة تاريخية، للوقوف عليها دلالات عظيمة، الثقة بالنفس التي تبديها بالطلة من مسرح عماليق واساتيذ تتالوا،خطوة اولي جريئة وفي الإتجاه السليم، لعلك وانت تطمبر في ليلتك تلك روادتك صور كبار مروا من هنا لتاريخيتهم عبقها الذي تنسمناه وعبدالعظيم صالح يستدر طوفان ذكريات ، عبدالعظيم يدعى تلقي مكالمة هربا من تشجين هيثم قنتي البديع وفنيته التي لن يخسر الرهان عليها الواقفون من خلفه واحسان من امامه، عبدالعظيم يهرب بدموعه، لم يضحكه ظرف ذكري مع الفاضل سعيد ولا البديع السميح، المسرح العتيق يستدر عواطف عبدالعظيم صالح فيتذكر لحطات مع ام محمد مؤرملته وميتمتنا نحن فاقدو دعمها وسندها وطعامها وشرابها،هي دنيانا يا صديقي يدوزنها حينا صديق احمد وآخر هيثم قنتي بشخصية فنية مستغلة ليست معنية بوجود مبدعين ذوي معيارية ثقيلة وثمينة الا في حدود التعلم من تجاربهم والإضافة إليها بما يثري الوجيد ويهدهد القلوب الانينة.